سوال

شَهْرُ رمضانَ، أوَّلُه رحمةٌ ، وأوسطُهُ مغفرةٌ ، وآخرُهُ عِتقٌ منَ النَّارِ.

(الراوي : أبو هريرة، المحدّث: ابن حجر العسقلاني، المصدر: لسان الميزان، الصفحة أو الرقم : 8/59)

خلاصة حكم المحدّث :

"[فيه] مسلمة بن الصلت. قال ابن عدي: ليس بالمعروف، أحاديث مشابهة. فقول ابن خزيمة في تبويبه للحديث:"إن صحّ الخبر"، يُفهم منه أنه لم يجزم بصحته. وقال الحافظ ضياء الدين المقدسي في (السنن والأحكام): هو من رواية علي بن زيد بن جدعان. وعلي بن زيد، فقد تكلم فيه جماعة من العلماء: فقال الإمام أحمد ويحيى بن معين: ليس بشيء. وقال خ (البخاري): لا يُحتج به، انتهى". وقال الحافظ ابن حجر في إتحاف المهرة: "حَدِيثٌ خز (صحيح ابن خزيمة) هب (يعني شعب الإيمان للبيهقي): يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ ... الْحَدِيثَ. خز: فِي الصِّيَامِ: ثنا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ، ثنا يُوسُفُ بْنُ زِيَادٍ، ثنا هَمَّامٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْهُ، بِهِ، وَقَالَ: إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي (الشُّعَبِ) مِنْ طُرُقٍ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرٍ السَّهْمِيِّ عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدِ الْغَفَّارِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، وَالأَوَّلُ أَتَمُّ، وَمَدَارُهُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَأَمَّا يُوسُفُ بْنُ زِيَادٍ فَضَعِيفٌ جِدًّا. وَأَمَّا إِيَاسُ بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ فَمَا عَرَفْتُهُ، انتهى". وقال العيني في عمدة القاري: "وَلَا يَصحّ إِسْنَاده، وَفِي سَنَده إِيَاس. قَالَ شَيخنَا: الظَّاهِر أَنّه ابْن أبي إِيَاس. قَالَ صَاحب (الْمِيزَان): إِيَاس بن أبي إِيَاس عَن سعيد بن الْمسيب لَا يعرف، وَالْخَبَر مُنكرٌ، اهـ.".

توضيح حكم المحدّث : إسنادُه ضعيفٌ.

جواب

أقول و باللہ التوفیق: إن هذه الألفاظ جزء من رواية طويلة تتعلق بفضائل رمضان، رواها الإمام ابن خزيمة -رحمه الله- في كتابه "صحيح ابن خزيمة"، والإمام  البيهقي -رحمه الله- في كتابه "شعب الإيمان" و"فضائل الأوقات"، وغيرهم من المحدثين في كتبهم  عن سيدنا سلمان الفارسي-رضي الله عنه- بهذه الألفاظ:

"وهو شهرٌ أوّلُه رحمة، وأوسطُه مغفرة، وآخرُه عتقٌ من النار".

(صحيح ابن خزيمة، كتاب الصيام، باب فضائل شهر رمضان إن صحّ الخبر، 3/191، رقم الحديث: 1887، ط: المكتب الإسلامي/شعب الإيمان، الصيام، فضائل شهر رمضان، 5/223، رقم الحديث:3336، ط:مكتبة الرشد/فضائل الأوقات، ص:146، رقم الحديث:37، ط:مكتبة المنارة)

ولا يخلو أيّ طريق من طرقها عن الضعف، وأيضاً مدار جميع الطرق على "علي بن زيد بن جُدعان"، وآراء المحدثين فيه مختلفة، فجرحه بعض المحدثين، و الحال أنه متفرد في هذه الرواية أيضاً، و وثّقه بعضهم، فبناءً على هذا، ضعّف جماعة من المحدثين هذه الرواية بالضعف في سنده، وأنكر بعضهم بتفرد الراوي: على بن زيد بن جُدعان فيه.لكنها تتعلق بالفضائل، فلذا ذكرها بعض المحدثين في كتبهم المشتملة على الفضائل، فقد ذكر الإمام أبوبكر البغدادي-رحمه الله- في كتابه "فضائل رمضان"،  وابن شاهين- رحمه الله- في كتابه "فضائل شهر رمضان"، وأبو اليمن-رحمه الله- في كتابه "شهر رمضان"، والمحدث محمد زكريا الكاندهلوي -رحمه الله- في كتابه "فضائل رمضان"(بالأردية).

فالحاصل أنّ الرواية ضعيفة عند بعض المحدثين، ومنكر عند بعضهم، لكن الرواية متعلق بالفضائل، وبعض المحدثين ذكرها في كتبهم المشتملة بالفضائل، فلذا يصحّ بيانها في الفضائل . 

قال العقيلى- رحمه الله- في "الضعفاء الكبير":

"ذكر العقيلي- رحمه الله- في ترجمة إياس بن أبي إياس بروايته هذا الحديث، ثمّ قال: قد رُوي من غير وجهٍ ليس له طريقٌ يثبت".

(الضعفاء الكبير، باب الألف،1/35، رقم الترجمة:17، ط: دار الكتب العلمية-بيروت)

قال ابن عدي -رحمه الله- في "الكامل ":

"ذكر ابن عدي-رحمه الله- في ترجمة عبد العزيز القُرشي بروايته هذا الحديث، ثمّ قال عنه:عامّة ما يرويه لا يُتابعه عليه الثقات".

(الكامل في الضعفاء لابن عدي، 6/324)

قال العيني- رحمه الله في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري":

"ولا يصحّ إسنادُه، وفي سنده إياسٌ. قال شيخُنا: الظاهرُ أنّه ابنُ أبي إياسٍ، قال صاحبُ (الميزان): إياس بنُ أبي إياس عن سعيد بن المسيّب لا يُعرف، والخبر مُنكرٌ".

(عمدة القاري، كتاب الصوم، باب: هل يقال رمضان أو شهر رمضان ... إلخ، 10/269، ط: دار إحياء التراث العربي)

 قال أبو حاتم- رحمه الله - في "علل الحديث":

"قال أبو حاتم- رحمه الله - في كتابه"علل الحديث"(وقد سأله ابنه عن هذا الحديث): هذا حديثٌ منكرٌ، غلط فيه عبدُ الله ابنُ بكر، إنّما هو: أبان بنُ  أبي عيّاش، فجعل عبدالله بنُ بكر

" أبان": إياس".

(علل الحديث لابن أبي حاتم، 3/110، ط:مطابع الحميضي)

فقط والله أعلم